الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

حسن المستكاوي يكتب: لماذا قررت الهجرة..؟

●● قررت أن أهاجر بعقلى خارج مصر، فهجرت مشاكل الرياضة التافهة التى لاتنتهى، مثل مناقشة البديهيات. والمساومة على الأخلاق والمبادىء. وغموض إقرار لائحة اتحاد كرة القدم. فيعلن أنها أقرت ثم يعلن كل يوم أنها لم تقر. هجرت إذن قرار عمرو زكى بالهجرة من الزمالك فى يناير المقبل. ونظرت خلفى فلم أجد أن عمرو زكى أعطى للزمالك شيئا منذ يناير الماضى. وهجرت هذه المساومة بين نواب شيكابالا وبين الزمالك.. واعتبار الزمالك هو شيكابالا، كأنه لويس الرابع عشر الذى قال: «أنا الدولة والدولة أنا».. وأسفت لتلك الهتافات ضد حسن شحاتة، وأسفت أن اللاعب لم يعتذر علنا لمدربه كما طلب منه، وأسفت أن يكون الاعتذار المطلوب إنتصارا لشيكابالا على الزمالك.. وسوف أضيف نفس الجملة السقيمة السخيفة: هذا مع تقديرى لموهبة شيكابالا، واعترافى أنه لاعب فنان يملك قدم بوشكاش اليسرى وعقل جارينشا..!

 

●● قررت أن أهاجر بعقلى خارج مصر، بحثا عن الرياضة الحقيقية، فاستمتعت بكأس الأمم الأوروبية، وببطولة ويمبلدون وبقراءة مئات الصفحات عن الألعاب الأوليمبية، وقصص أبطالها وبطولاتهم.. وعندى قصة واحدة كمثال من ألف قصة، تجسد القيم الجميلة للرياضة، فرغم حصولها على المركز السابع والثلاثين فى الماراثون، وقف مائة الف متفرج يصفقون تحية للعداءة السويسرية جابريلا أندرسون، التى دخلت الاستاد الرئيسى وهى تتعثر وتتألم وقد أصابها الشلل بعد أن قطعت أكثر من أربعين كيلو مترا فى درجة حرارة مرتفعة بلغت 39 درجة، ورغم ذلك وبإرادة حديدية تعكس روح الكفاح عند الانسان قطعت جابريلا أندرسون المسافة الباقية سيرا على الاقدام وسط تشجيع خرافى من الجماهير حتى أنهت السباق، ونالت من الاحترام والتقدير والتصفيق ما لم تنله الفائزة الأولى، بل إن أحدا لا يذكر اسم بطلة ماراثون لوس انجيليس، ولا احد ينسى اسم البطلة السويسرية جابريلا أندرسون.. لا أحد ينسى النضال بشرف!

 

●● هكذا وجدت فى الهجرة بعيدا عن الرياضة المحلية وعندما وقفت خلف نافذة موصدة، ومحصنة بستائر، وزجاج عاكس، وعروق من الخشب، وواربتها ونظرت خلسة، وشوقا ومن باب الفضول لأرى أين وصلت الرياضة المصرية، رأيت ألتراس الأهلى يقتحم تدريبات الفريق، ويحتج على خلع اللاعبين لشارات الحداد، ويحتج على إدارة النادى، ورأيتهم يتساءلون: كيف يحتفل اللاعبون؟

 

●● هم يعلمون جيدا أن الاقتحام سلوك مرفوض، وأنه لايوجد حداد للأبد وإلا لكان واجبا على مصر كلها أن تتشح بالحداد على 1300 مصرى غرقوا فى العبـَّارة السلام بسبب الإهمال ولافارق عندى بين ضحايا العبـَّارة وبين ضحايا كرة القدم، ومن أسف هناك آلاف غيرهم يقتلون كل عام على الطرقات وفى الشوارع فى حوادث مروعة لأنه لايوجد قانون، وتوجد فوضى لامثيل لها.. ومع ذلك وعلى الرغم من ذلك، الحياة تمضى، ولايعنى أن الحياة تمضى أن يتوقف السعى للحقوق.. وحق ضحايا مأساة استاد بورسعيد لايمكن فرضه بالاقتحام، ولايمكن الحصول عليه بدون القانون.. أما حكاية الفرحة فإننى أسأل كل من اقتحم تدريب الأهلى: ماذا فعلت حين سجل جدو هدف الفوز على مازيمبى الغانى؟

 

أجب بمنتهى الصدق والأمانة.. أكرر بمنتهى الصدق والأمانة!

 

المصدر: صحيفة الشروق

موضوعات ذات صلة