أسامة خليل يكتب : القمة الصامتة والخناقة الخايبة

20 يوليو 2012 الساعة 12:29 مساء

كرة القدم من دون جمهور طعام ماسخ بلا طعم أو رائحة. خضار مسلوق نُجبر على أكله عند المرض، هكذا ستكون مباراة الزمالك والأهلى فى دورى المجموعات بالبطولة الإفريقية حاجة تعل وتمرض. فالمتعة الحقيقية فى الناس وكما تعلمون الجنة بلا ناس لا تنداس، والمباراة كما أراد لها العجزة والفاشلون من مسؤولى الأهلى والزمالك سنراها صامتة، لأنهم فشلوا أن يحلوا مشكلات جماهيرهم وجلسوا واضعين أياديهم على خدودهم (المكلبظة)، منتظرين أن يأتى الحل من القيادة العليا، ولأن القيادة تريد هى الأخرى من يحل لها مشكلاتها ويعينها على المسؤولية الضخمة التى ألقيت عليها على حين غرة هربت من المواجهة وتركت الشعب يحل مشكلاته بنفسه ومع نفسه. فالأمن رفع يده والمجلس القومى للرياضة (خالتى خيبتها) ومسؤولى الأندية يرقعون مشكلاتهم حتى يبقوا على مقاعدهم لأطول فترة ممكنة.
 
وعن نفسى لا أرى مبررًا قويًا أو مقنعًا يدفعنا إلى إقامة المباريات من دون جمهور، والقول إن فئة من الجماهير ثائرة ورافضة لاستمرار النشاط وتريد فرض شروطها كاملة غير منقوصة وإنها تهدد بالتخريب والتدمير وإفساد أى مباراة كلام يسقط هيبة الدولة ويحرض باقى الناس على فرض إرادتها بأيديها ويحوّل المجتمع دون أن نشعر إلى غابة، كما أنه غير صحيح على أرض الواقع، فمجموعات الألتراس والوايت نايتس وغيرها فئة من الشباب تملك الاندفاع والثورة، ولكنهم بأى حال ليسوا بلطجية أو قطاع طرق نخشى من التحاور معهم أو تنفيذ القانون عليهم إذا أضروا بمصالح وأرواح الناس وعرّضوها للخطر، ثم أن ترتعب الدولة ومسؤولوها لمجرد أن ٢٥ مشجعًا اقتحموا ملعب الأهلى فهذا مرجعه أن ضعف القائمين على إدارة الدولة وليس قوة المقتحمين الذين لم يحملوا المدافع الرشاشة أو قنابل المولوتوف، بل رفعوا لافتات تعبر عن آرائهم وأفكارهم التى وإن اختلفنا معها فإنها تبقى أفكارًا ورؤى وموقفا وليس رصاصا.
 
ولو أن إدارة الأهلى والزمالك تملك إرادتها وتتحلى بقدر ولو قليل من الشجاعة لكانت أقامت المباراة فى حضور عدد محدود من الجماهير (١٠ آلاف متفرج لكل نادٍ). وسيطرت بشركة أمن على المداخل وأحكمت تفتيش المشجعين وواجهت المشكلة. وظنى أنه لن تكون هناك مشكلة، فالناس تريد للحياة أن تستمر وأن تعود إلى حياتها الطبيعية من دون عنف أو شغب أو دم، ومن يريد غير ذلك، فالقانون هو الرادع، ولكن أن نبقى فى حالة انتظار المجهول دون أن نواجه فهذا يزيد من تأزم المشكلة ويطيل أمدها إلى موعد غير معلوم.
 
المهم أن الزمالك والأهلى اللذين رفعا أيديهما عن القضايا الحقيقية يشغلون الرأى العام الآن بقضية تافهة وعبيطة وغير عادلة وهى التمسك بمشاركة رباعى المنتخب الأوليمبى فى مباراة الأحد وهم عمر جابر وأحمد الشناوى (الزمالك)، وشهاب الدين أحمد وسعد سمير (الأهلى) وأربعة من اللاعبين الأساسيين فى المنتخب الأوليمبى الموجود حاليًا فى فرنسا بمعسكره الأخير قبل السفر إلى لندن يوم ٢١ من الشهر الحالى للمشاركة فى الأوليمبياد حيث يلعب أولى مبارياته أمام البرازيل يوم ٢٦، أى بعد أربعة أيام فقط من لقاء القمة الإفريقى، واللاعبون الأربعة الذين يتمسك الأهلى والزمالك بضمهم إلى الدرجة لأن يصرح الكابتن إسماعيل يوسف بأن هناك مؤامرة على الزمالك لا يلعبون أساسيين فى فريقيهما. فالشناوى انضم إلى الزمالك قبل أسبوعين وكل تاريخه الجلوس احتياطيًا فى مباراة، وعمر جابر لم يلعب أساسيًا أو احتياطيًا مع الفريق منذ زمن ونفس الأمر بالنسبة إلى ثنائى الأهلى، وفى المقابل فإن هانى رمزى يشارك فى الأوليمبياد بـ١٨ لاعبًا، يغيب منهم الآن ثلاثى الأهلى أبو تريكة وأحمد فتحى وعماد متعب لمشاركتهم مع الأهلى، فإذا أرسل اللاعبين الأربعة يكون لديه من الآن وحتى قبل ثلاثة أيام من أولى مبارياته فى الأوليمبياد أمام البرازيل ١١ لاعبًا، وهو كلام غير منطقى أو معقول أو مقبول، خصوصا أن اللاعبين الأربعة ليس لهم دور أو أهمية كبيرة لدى الأهلى والزمالك تستحق كل هذه الضجة، ولكن تقول إيه ناس بتيجى فى الهيفة وتتصدر!
 
الصمدر: جريدة التحرير

آخر اﻷخبار

الاكثر قراءة