الأهلى والزمالك .. قبلة حياة للكرة المصرية .. وصفعة إدانة أيضا!
19 اكتوبر 2015 الساعة 10:48 صباحا
•• كانت مباراة السوبر بين الأهلى والزمالك بمثابة قبلة الحياة للكرة المصرية.. بما فيها من أداء قوى ومثير من الفريقين، وبما فيها من مشاهد احترافية وتنظيمية. وكانت المباراة أيضا صفعة إدانة لمن يديرون الكرة المصرية.. ودليل عجز ضارب فى الجذور وفى العقول.. ففى الثلاثينيات من القرن الماضى كتبت صحيفة المقطم تطالب بملعب قومى فى القاهرة كبير ومتسع مثل ملعب الإسكندرية، وذلك بعد مباراة للأهلى والمختلط بسبب الإقبال الجماهيرى على كرة القدم. ومنذ 30 عاما ونحن نكتب عن التنظيم والكاميرات والدخول والخروج إلى الملاعب، وعن تلك القبلة التى يطبعها الحصان على وجه المتفرج وهو يدخل ويخرج.. وبسبب هذا العجز أدعو كل عضو فى اتحاد الكرة أن يجلس وحيدا ويفكر جيدا فيما شاهده بالإمارات.. ولو أحسن التفكير سوف يستقيل ويدفع غيره من الذين لا يملكون كفاءات السير فى الاتجاه نفسه.. فالعشوائية وصلت إلى الحلقوم؟!
•• النظام فى المباراة كان بديعا، ولم يخرج عن النص سوى بعض لاعبى الفريقين حين اشتبكا فى مشهد غبى، وكاشف لظاهرة النفخ فى اللاعبين وتدليلهم، لدرجة أنه حين وقع الاشتباك جرى طاقم التحكيم خوفا على رءوسه باعتبار أننا شعوب تقطع الرقاب.
•• قبل المباراة وخلالها وبعدها كانت الروح الرياضية رائعة. والتصوير والإخراج التليفزيونى يجعل الجمهور جزءا من العرض وبطلا ضمن الأبطال. فالكاميرات لا تبحث عن المقصورة الرئيسية، ولاتفتش عن الرؤوساء، والمجالس، والمحاسيب والأقارب. والكفاءة والمهارة والفهم لقواعد كرة القدم وأهميتها.. أما النظام والتنظيم ودخول وخروج الجماهير والالتزام الكامل بالتعليمات فهى ظاهرة فى حد ذاتها، وتجعلنى أطرح السؤال: « لماذا يحترم المواطن المصرى القانون والقواعد خارج بلاده ولا يحترمها فى بلاده؟».. أعرف الإجابة، قبل ان يسارع بعضكم بالظن أنى أتساءل بحثا عنها. فعندما يكون القانون «بدون زينب» و«بدون باشا» ويطبق بمنتهى الصرامة على الجميع.. يحترمه الجميع.. تلك هى المسألة.
•• المباراة تم تحليلها وأكلها وهضمها، فنيا، واختصارا، كانت حافلة بالصراع والإثارة، واللاعبون من الفريقين يجرون بلا توقف، ويلعبون بلا يأس، ويقاتلون بروح على كل كرة، ويتعاركون، ويتصافحون، ويتألقون. ومرة أخرى تظل مباراة القمة خارج التوقعات دائما ومهما كانت الحسابات والنظريات والأمنيات.. فلا علاقة للقصة بكتابات النقاد وتحليلاتهم وتخيلاتهم، ولا يعنى فوز الأهلى أنه عاد للبطولات، لأنه لم يذهب منها أصلا، وحتى حين غاب الزمالك لسنوات عن البطولات، وعاد، فإنه من الطبيعى أن يعود.. هذان الفريقان ولدا بالبطولات وعاشا معها، على الأقل فى البدايات من القرن العشرين.. وهذا سر الشعبية التى يحظيان بها. ثم إن البطولة والأبطال ليست وليسوا مثل «تلك الشعرة التى تذهب وتعود كل ساعة»..!
•• الذين لا يعرفون قيمة الأهلى والزمالك أؤكد لهم أنهما من القوى الناعمة المصرية. فالعالم العربى كان يتابع المباراة. وللناديين الكبيرين جماهير عريضة فى الدول العربية، وقد قال محمد بن جالون مؤسس نادى الوداد المغربى فى يوم من الايام: « كانت لقاءات الأهلى والزمالك بالنسبة لنا منشورا وطنيا يبث فينا روح العروبة التى حاول الاستعمار الفرنسى قتلها بالضبط كما كانت أم كلثوم هى الوسيلة الوحيدة التى كنا نعلم أولادنا منها النطق الصحيح لكلمات اللغة العربية بعدما فرض علينا المستعمر نسيانها». وقال محمد بن قاسى المزاواوى احد المؤسسين لنادى مولودية الجزائرى: «الأهلى والزمالك وراء تأسيس الأندية الجزائرية بشكلها العصرى مثلنا مثل كل البلاد العربية الأخرى».
•• الأهلى والزمالك قيمة كبيرة.. فهل نحافظ على تلك القيمة وننميها ونطورها ونصدرها كما فعلت البرازيل مع كرة السامبا، وكما فعلت إسبانيا مع ريال مدريد وبرشلونة، وكما يفعل الإنجليز بالريميير ليج؟!
بقلم: حسن المستكاوي
المصدر: الشروق